| 0 التعليقات ]

شهدت المرحلة الأولى للاستفتاء على مسودة الدستور المصري الجديد تغطية إعلامية مكثفة وصفها البعض بالتغطية الحرفية المتوازنة، في حين رأى آخرون أنها كانت متحيزة مع أو ضد مسودة الدستور بعيدا عن المهنية والحياد.

وكانت وسائل الإعلام المصرية المتنوعة قد أعطت مساحات ضخمة لمسودة الدستور وعملية الاستفتاء بمرحلتها الأولى، إلى حد أن ظلت بعض القنوات الفضائية ومواقع الصحف على الإنترنت تتابع طوال يوم الاستفتاء والليلة التي تلته عمليات التصويت وفرز الأصوات بشكل مباشر.

وقال الكاتب الصحفي سعد هجرس إن تغطية القنوات والصحف الخاصة للاستفتاء اتسمت بقدر كبير من المهنية والتميز، في حين عبرت الصحف الحزبية عن مواقف الأحزاب التي تعبر عنها بطبيعة الحال.

وأضاف هجرس للجزيرة نت أن الأمر نفسه ينطبق على القنوات الفضائية، إلا أنه اتهم ما تُسمى القنوات الدينية بأنها كانت متحيزة بشكل كبير إلى جانب تأييد الدستور بل إنها حولت الاستفتاء إلى معركة دينية وهذا بعيد عن المهنية، بعكس القنوات الخاصة التي أبرزت الرأي والرأي الآخر في تغطية متوازنة، على حد وصفه.

من جانبه أشاد عميد كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فاروق أبو زيد بالتغطية الإعلامية الخبرية للاستفتاء على مسودة الدستور.

ورأى أبو زيد أنه كان أداء متميزا، وبدت فيه الموضوعية وتحري الدقة في نقل فعاليات الاستفتاء، من دخول اللجان ونقل التجاوزات، عن طريق وسائل الإعلام المختلفة من صحف وراديو وتلفزيون، خاصة وحكومية، وقال إنها 'لم تلوّن الحدث'.

سقطات
في المقابل رصد نشطاء سقطات واضحة لعدد من وسائل الإعلام، منها ما قامت إحدى الفضائيات ببثه على أنه فرز مباشر وتقدم بالتصويت بـ 'لا' في محافظة كفر الشيخ، وما قالت فضائية أخرى إنها تجاوزات فادحة في محافظة البحيرة، والمفاجأة كانت أن كلتا المحافظتين لم يجر بهما تصويت من الأساس لأنهما من محافظات المرحلة الثانية.

كما كتبت إحدى الصحف الخاصة عنوانا رئيسيا صبيحة يوم الاستفتاء 'دستور الدم' في توجيه واضح لجمهور الناخبين. ونشرت صحيفة أخرى على موقعها فيديو لما قالت إنها رشى انتخابية في منطقة الخصوص بالقليوبية، وهي من محافظات المرحلة الثانية كذلك.

وعلق رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة القاهرة عدلي رضا على التناول الإعلامي، قائلا 'المشهد الإعلامي في مصر مرتبك وفوضوي، وحينما يتم تناول أي قضية يتم تناولها من منظور خاص تابع لمقدم البرنامج ومالك القناة وليس من منظور المصلحة العامة، لذلك يتم استخدام أساليب في نشر فكرة معينة تتعلق بوجهة نظرهم فقط؛ فالحيادية والموضوعية غير موجودة في مراعاة نقل المشهد، فلذلك لا توجد أي قواعد مهنية بتاتا داخل الإعلام'.

من جانبه قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي إن في خلفية الصراع حول صناديق الاستفتاء في مصر، يكمن صراع آخر أوسع نطاقا وأشد بأسا حول الفضاء الإعلامي الذي أدخلنا في قلب عصر 'مجتمع الفرجة'.

وأضاف هويدي 'لا مفر من الاعتراف بأن التلفزيون أصبح لاعبا سياسيا في الساحة المصرية الآن'. وذكر أن دراسة أعدها أحد الخبراء حول تحليل مضمون الخطاب لـ15 قناة تلفزيونية خاصة بينت أنه من بين مائة ساعة حوارية تجرى يوميا فإن ما بين 6 و8% منها فقط يؤيد موقف الرئيس مرسي، في حين أن الحوارات الأخرى كلها تنحاز ضده. كما أن نسبة التأييد للرئيس في قنوات التلفزيون الحكومي تتراوح ما بين 22 و32% فقط، الأمر الذي يعني أن نحو 70% من خطاب التليفزيون الرسمي ينتقده ويعارضه.

من جانبه قال أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة سليمان صالح إن المشكلة تكمن في أن معظم وسائل الإعلام يسيطر عليها بقايا النظام المخلوع، ويستخدمها أصحابها من رجال الأعمال المنتمين لهذا النظام أداة للانقلاب على الثورة ومحاولة إسقاط النظام الجديد.

وأضاف صالح للجزيرة نت أن أغلبية الفضائيات حاولت تشويه الدستور وتحدثت عن مواد لا وجود لها فيه، الأمر الذي أدى إلى تأثر الكثير من الجمهور بما يعرض عليه ومن ثم التصويت برفض الدستور. وعلى العكس من ذلك لم تعرض أي فضائية في حديثها عن الدستور ما قدمه من حقوق اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة خشية أن يؤدي ذلك لتأييد الجمهور له.

وأشار أستاذ الصحافة إلى ضرورة مراجعة وضع وسائل الإعلام، لأن كثيرا مما تعرضه ينافي المصداقية والمهنية، لافتا إلى ما قال إنها تنفذ أجندات مالكيها لتضليل الرأي العام.

استقطاب إعلامي
أما أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة محمود علم الدين فقال إن حالة الاستقطاب السياسي انتقلت إلى وسائل الإعلام، على الرغم من محاولة بعض وسائل الإعلام أن تبدو متوازنة في التقارير والضيوف.

وشدد علم الدين في حديثه للجزيرة نت على الحاجة إلى إعلام محايد وموضوعي دون التقيد بمواقف مسبقة، مضيفا أننا 'أمام إشكالية ما بين حق الإعلام في التعبير، وحق الجمهور في الحصول على المعلومة المتوازنة ومساءلة وسائل الإعلام في حال الخطأ'.

ويشير أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة صفوت العالم إلى أن هناك توجهين رئيسين في التغطية الإعلامية للاستفتاء، فالاتجاه الأول كان يدعو للتصويت 'بلا'، وهذه تناولت الدستور بطريقة سلبية واستخدام استمالات كلية ليس لها علاقة بالدستور تربط بين الموافقة علي الدستور ومفاهيم كلية كزيادة البطالة مثلا، وقامت بنشر الإعلانات التي تدعم عملية رفض الدستور.

وألمح العالم إلى وجود تمييز في اختيار الضيوف الذين يدعمون مواقفهم، بالإضافة إلى أخطاء عند المراسلين بالمحافظات الذين دائما ما كانوا يستخدمون الأسئلة الإيحائية لدعم عملية رفض الدستور.

علي الجانب الآخر كانت هناك قنوات أخرى -وفق العالم- تؤيد الدستور وتطالب الناخبين بأن يقولوا 'نعم' عبر تناوله من زوايا إيجابية مثل الاستقرار وإكمال التحول الديمقراطي.

وأضاف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة في حديثه للجزيرة نت أن هذه التغطية جاءت على حساب إهمال دور الإعلام الرئيسي في التوعية والتنوير بمسودة الدستور.

0 التعليقات

إرسال تعليق

add comment 2asa7be :D